للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - تحدي هؤلاء الذين قالوا هذا الكلام بدفع الموت عنهم؛ لقوله: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ}.

٥ - أنه لا يمكن درء الموت؛ لأن ما وقع التحدي به فإنه لا يمكن وقوعه، إذ لو أمكن وقوعه لم يكن للتحدي به فائدة، ومن هنا نعرف أن قول الله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: ٣٣] لا يصح تنزيله على وصول الناس الآن إلى أعماق الفضاء وإلى الكواكب كما زعم بعضهم عندما وصل الناس إلى القمر وحلوا به قالوا: إن هذا دَلَّ عليه القرآن؛ لِأَنَّ الله قال: {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، والسلطان هو العلم، فهؤلاء أوتوا علمًا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، فالقرآن شاهد لذلك، ولكن هذا في الحقيقة تحريف للقرآن، فالقرآن في الآيات هذه إنما هو للتحدي بدليل أن الله تعالى قال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦]، {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩]، {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا} [الرحمن: ٣٣] {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥] {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: ٣٧]. وهذا كله يدل على أن المراد بذلك التحدي، ويكون يوم القيامة وليس هو في الدنيا، ولهذا نقول: هؤلاء لو نفذوا من أقطار الأرض لم ينفذوا من أقطار السموات، والآية فيها تحد في هذا وهذا، المهم أنه لا ينبغي أن نخضع نصوص القرآن من أجل أن نقول إنها دالة على ما حدث أو ما يحدث، بل نقول: ما حدث أو يحدث إذا قامت البراهين على صدقه فإنه لا يحتاج إلى أن نقحمه في دلالة القرآن، نقول: هذا شيء وقع،

<<  <  ج: ص:  >  >>