{لَيْسُوا} الضمير يعود على أهل الكتاب، {سَوَاءً} بمعنى مستوين أي ليسوا متساوين في هذه الأوصاف، بل منهم أمة قائمة يتلون آيات الله إلى آخره، ومنهم أمة فاسقة غير قائمة على أمر الله، {لَيْسُوا سَوَاءً} أي لا يستوون في المعصية والأحوال والأوصاف.
ثم بيَّن ذلك فقال:{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}.
قوله:{أَهْلِ الْكِتَابِ} هم اليهود والنصارى كما مرَّ علينا كثيرًا، وأظهر هنا في موضع الإضمار إما لطول الفصل بين الظاهر الذي ترجع إليه الضمائر، وإما لاستئناف الجملة؛ لأن قوله:{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} جملة مستأنفة.
{أُمَّةٌ} أي طائفة، {قَائِمَةٌ} أي ثابتة مستقيمة على أمر الله، فالقيام هنا بمعنى: الثبات والاستقامة على أمر الله، وليس المراد به القيام الذي هو ضد القعود؛ لأن المسلم قائم على أمر الله سواء كان جالسًا أو واقفا أو مضطجعًا.
قوله:{أُمَّةٌ} مبتدأ، ويجوز الابتداء بالنكرة إذا أفادت، وهي إذا تأخرت فهي مفيدة. لو قلت: في الدار رجلٌ، فهي مفيدة، وإذا قلت: رجلٌ كريم في الدار فهي أيضًا مفيدة، فإذا وُصفَت أو أُخّرت فهي مفيدة.