للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: ٢٥].

أي: كيف تكون حالهم في هذا الوقت {إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ}؟ والاستفهام للتعظيم؛ أي: ما أعظم ما تكون حالهم في ذلك اليوم، وما أشد حسرتهم إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه، أي: جمعناهم في يوم لا ريب فيه. واللام تأتي بمعنى في، ويسمونها لام التوقيت. ومنها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي: في قبل عدتهن، أي: في استقبال عدتهن {لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ}، أي: جمعوا لهذا اليوم، أي: فيه، وهو يوم القيامة.

وقوله: {لَا رَيْبَ فِيهِ} إما أنه خبر بمعنى النهي، والمعنى: لا ترتابوا فيه، أو أنه خبر على حقيقته، والمعنى أن الله عزّ وجل يخبر عن هذا اليوم بأنه لا ريب فيه، أي: لا ريب في وقوعه. وهذا اليوم قد دلَّ عليه الكتاب والسنّة والعقل.

أما الكتاب فما أكثر الآيات التي فيها إثبات اليوم الآخر، وما أكثر الأمثال التي يضربها الله عزّ وجل لإثبات هذا اليوم ببعث الخلائق، وأما في السنّة فكثير أيضًا إثبات هذا اليوم.

وأما في العقل، فلأن العقل يدل بالضرورة على أن هذه الخليقة لابد أن يكون لها معاد تحاسب فيه على ما أمرت به؛ لأنه ليس من المعقول أن ينشئ الله الخليقة، يأمرها وينهاها، ويبعث إليها الرسل، وينزل عليها الكتب، وتستباح دماء من لم ينفذ هذه الكتب، ويتبع هؤلاء الرسل، ثم تكون النتيجة أن تموت هذه البشرية ولا تبعث، وتكون ترابًا. لو

<<  <  ج: ص:  >  >>