للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقع هذا الفعل من أي أحد لقيل هذا سفه، من أسفه السفه. ولو أن الإنسان صنع ثوبًا وخاطه وأتقنه، ثم في النهاية أحرقه، فتلف ولم يبق له أثر، لعدَّ الناس كلهم هذا سفهًا، فكيف بهذه الخليقة التي خلقها الله عزّ وجل وأنزل عليها الكتب وأرسل إليها الرسل؟ !

وقوله: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}:

{وَوُفِّيَتْ}: يعني أعطيت. ومنه قولهم: وفَّاه حقَّه، أي: أعطاه حقَّه وافيًا. وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ} كل نفس من البشر والجن، يعني: من المكلفين الذين أمروا ونهوا، فهم الذين يوفون أجورهم. أما من لم يتوجه إليه أمر ولا نهي، فإنهم يجمعون يوم القيامة، ولكن ليس لهم أعمال يجازون عليها، فلا يشملهم قوله: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}.

وقوله: {مَا كَسَبَتْ}، يعني: من خير أو شر، بدليل العموم في كلمة {مَا}.

وتُوَفى الخير: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وأما في الشر فتوفى السيئة بمثلها إن لم يعف الله، أو تكن لها أعمالٌ صالحة تكفر عنها هذه السيئات. فجزاء الله عزّ وجل وتوفيته للأعمال دائر بين الفضل والعدل، فالفضل لأهل الخير، والعدل لأهل السوء.

وقوله: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}:

أي: لا ينقص أحد من حسناته، ولا يزاد في سيئاته. ونحن نعلم أن من أوفى غيره حقَّه فإما أن يوفيه بالفضل أو بالعدل أو بالجور، والجور -وهو الظلم- ممتنع على الله؛ لقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>