للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الله عزّ وجل لابد أن يُميِّز الخبيث من الطيب؛ لقوله: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}، فإن قال قائل: بماذا يحصل التمييز؟ .

قلنا: يحصل بالوحي في عهد النبوَّة، ويحصل بالقرائن في غير عهد النبوة وفي عهد النبوة أيضًا، فإن القرائن قد تُبيِّن الخبيث من الطيب بحيث نلاحظ أعماله وننظر كيف يسير وكيف يعمل، فيتبيَّن لنا خبثه من طيبه.

٢ - بيان رحمة الله عزّ وجل بعباده حيث لا يتركهم هكذا يشتبه بعضهم ببعض، بل لابد من ميْز هذا عن هذا.

٣ - بيان حكمة الله عزّ وجل في أفعاله وشرعه أيضًا؛ لقوله: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.

٤ - انقسام الناس إلى خبيث وطيب؛ لقوله: {يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، وهذا كقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢]، ولم يذكر قسمًا ثالثًا، وكقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: ١٠٥] ففي العمل قسَّم الله الناس إلى قسمين، وفي الجزاء أيضًا قسَّمهم إلى قسمين.

فإذا قال قائل: أليس في هذا دليل على مذهب الخوارج الذين يقولون: إن الناس إما مؤمن أو كافر. ولا يمكن لأحد أن يجمع بين الإيمان والكفر؟

الجواب: أن يُقال: ليس فيه دليل على مذهبهم؛ لأن المؤمن إذا لم يفعل ما يخرج به من الإيمان فإنه لا يصدق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>