قال تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} وحينئذ قد يسأل سائل: كيف بدأ بالإنفاق دون ذكر الصلاة مثلًا، والصلاة أهم من الإنفاق؟
الجواب: لأنه لما نهى عن أكل الربا أضعافًا مضاعفة بدأ بضده -ضد أكل الربا- وهو الإنفاق، وهذا كقوله:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}[الروم: ٣٩] فإنه لما قال: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}[آل عمران: ١٣٠] بدأ بذكر الإنفاق في صفات المتقين {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ}، ينفقون ماذا؟ حذف المفعول ليكون دالًا على العموم. أي ينفقون كلَّ ما يمكن إنفاقه من أعيان ومنافع وجاه وغير ذلك، فإن الإنسان قد ينفق أعيانًا كالثياب، ودراهم كالنقود مثلًا. وكذلك قد ينفق منافع، بأن يعير شخصًا ما ينتفع به هذا المستعير، وجاهًا بأن يتوسط لشخص أو يشفع له، فالإنفاق هنا عام،