للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السراء ما يسر، والضراء ما يضر، يعني في حال الرخاء وفي حال الشدة ينفقون، ولم يبيّن على مَنْ ينفقون ولكن الله قد بيَّن في سورة البقرة فقال: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ٢١٥] فينفق في جهات الخير، لا في جهات الشر؛ لأنه لو أنفق في جهات الشر لخرج عن وصف المتقين، والله سبحانه وتعالى ذكر الإنفاق هنا وصفًا للمتقين فلابد أن يكون إنفاقهم فيما يرضي الله.

فإذا قال قائل: {فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} أما في السراء والسعة والرخاء فالإنفاق وجيه، وأما في الضراء فكيف يكون الإنفاق؟

فالجواب: أنه يجب أن نعلم أن الإنفاق ليس خاصًا بالإنفاق على البعيد عنك، بل هو عام. يشمل حتى الإنفاق على ابنك وبنتك وأمك وأبيك وزوجتك بل ونفسك، حتى الإنفاق على النفس يؤجر الإنسان عليه ويكون صدقة، قال النبي عليه الصلاة والسلام لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - كلمة جامعة نافعة مانعة قال: "واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك" (١). وهل يكون الإنفاق في الضراء؟ الجواب: نعم، قد يكون الإنسان في أشد العسر وينفق على أهله وزوجته بل وعلى نفسه.

وقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}، الكظم معناه: المنع مع ألم وتأثر، والغيظ قيل: إنه أشد الغضب، يعني أنهم إذا غضبوا


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة، رقم (١٢٩٦). ورواه مسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، رقم (١٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>