للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها واضحة، وذلك أن الذي يبخل بماله إنما يبخل به ليبقى له، فبيَّن الله أنه لم يبقى له، لابد أن يموت ويرثه ورثته ثم يموتون ويرثهم ورثتهم وهكذا إلى أن ينتهي الإرث إلى الله عزّ وجل. فالمناسبة إذن بين هذه الجملة وما قبلها ظاهرةٌ جدًا.

وقال الله عزّ وجل: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}:

فيها قراءتان (تعملون) و (يعملون). وخَتْمُ الآية هذه بهذا الاسم وهو الخبير واضح المناسبة؛ لأن هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله قد لا يطَّلع عليهم الخلق، فالإنسان قد يكون عنده ملايين ولا يعلم الناس عنه، ويبخل بزكاتها ولا يُعْلَم عنه، فبيَّن الله تعالى، أنه خبير بعملهم، والغالب أن من منع الحق في ماله سُلِّط على هلكته في الباطل، يعني: فتح له أبوابًا من الباطل يَصرف فيها ماله فيكون مانعًا لما يجب، واقعًا فيما يحرم، ولهذا هدَّدهم الله بقوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تهديد من بخل بما آتاه الله من فضله، وسبق لنا أن البخل المتوعد عليه هو منع الواجب في المال.

٢ - أن الشيطان قد يُغِرّ الإنسان فيقول: لا تنفق فيهلك مالك؛ لقوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}، ولا شك أن هذا هو الواقع، ودليل ذلك أن الله يُحذِّرنا دائمًا من هذا الشيطان ويقول: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: ٣٣]، وأول من يغُرُّنا بالله هو الشيطان.

٣ - إقامة اللوم والتوبيخ على هؤلاء الذين بخلوا؛ لقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>