يُعبِّر الله تعالى عن الجزاء بالعمل نفسه، وهو كثير في القرآن مثل:{سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وهنا {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وذلك لأن الجزاء من جنس العمل، فكأنه هو العمل نفسه، فلهذا يُعبِّر الله عن الجزاء بالعمل كثيرًا.
(يوم القيامة): هو يوم يبعث الناس، وسمِّي يوم القيامة لوجوه ثلاثة: يقوم فيه الناس لرب العالمين، ويقوم فيه الأشهاد، ويقوم فيه العدل.
فالوجه الأول: يقوم فيه الناس لربِّ العالمين، كما قال تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: ٤ - ٦].
والثاني: يقام فيه القسط، لقوله:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنبياء: ٤٧].
والثالث: يُقام فيه الأشهاد، كما قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١] فلهذا سُمِّي يوم القيامة.
يقول الله عزّ وجل:{وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}:
(لله): اللام هذه للاختصاص، والجار والمجرور خبر مقدم، وتقديمه يفيد الحصر، أي: أنه له وحده عزّ وجل.
وَ (الميراث): انتقال المال من سابقٍ إلى لاحق، كانتقاله من الميت إلى الحي. فالذي يرث السموات والأرض ويبقى بعدها هو الله سبحانه، ولهذا قال:{وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ولا يتحوَّل ميراثها إلا إليه وحده عزّ وجل، ومناسبة هذه الجملة لما