لا يراد بها الاستقبال، وأنها سلبت الدلالة على المستقبل، وأن المراد بها مجرد الظرف، وهذا يشبه قوله:{وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى} قالوا: والدلالة على المعنى قد تسلب الكلمة كما في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ٩٦] هل معناه كان في الأزل ثم لم يكن الله غفورًا رحيمًا؟ لا، سلبت الدلالة على الزمان، لذلك سلبت "إذا" الدلالة على المستقبل، وصار المراد بهذا مجرد الزمان فقط.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - تعلية شأن المؤمنين بإيمانهم من قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} لأن المخاطب لا ينادى إلا بأحب الأوصاف إليه، ولهذا لو ناديت أحدًا بأقبح الأوصاف لسابَّك وشاتمك، ففيه تعلية شأن المؤمنين بإيمانهم. ومنها فضيلة الإيمان وأنه مقتضٍ لكل الأخلاق الفاضلة.
٢ - الإشارة إلى النهي عن التشبه بالكفار؛ لقوله:{لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا}.
والتشبه بالكفار اختلف فيه العلماء، فذهب أصحاب الإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنهم إلى أن التشبه بالكفار مكروه، والمكروه عند الفقهاء كراهة تنزيه، أي يثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله، لكن قولهم هذا ضعيف. والصواب أن التشبه بالكفار حرام، ولما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حديث:"من تشبه بقوم فهو منهم"(١) في كتابه القيم الذي أشير به
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده، رقم (٥٠٩٣). ورواه أبو داود، كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، رقم (٤٠٣١).