على كل طالب علم وهو (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم) لما ذكر هذا الحديث قال: وأقل أحوال هذا الحديث التحريم؛ وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم؛ لأن قوله:"من تشبه بقوم فهو منهم" ظاهره أنه كافر، فالاقتصار على الكراهة التي يراد بها كراهة التنزيه عند الفقهاء فيه نظر ظاهر.
المهم أن في هذه الآية إشارة إلى النهي عن التشبه بالكفار، لاسيما إذا كان الفعل نفسه محرمًا، فإن قولهم هذا فيه اعتراض على القدر كما سيتبين إن شاء الله.
فإن قال قائل: ما هو ضابط التشبه؟ وهل يشترط فيه القصد؟
فالجواب: أن ضابط التشبه أن يأتي بما يختص بالكفار من لباس أو تحلية جسم أو غيره، بحيث يقول من رآه: هذا من الكفار؛ لأنه لا يمكن أن يقول هذا من الكفار إلا إذا كان الشيء مختصًا بهم، أما إذا كان عامًا فإنه لا يمكن أن يقال هذا من الكفار. فمثلًا الذي يلبس البنطلون عند الناس مع أنه في بعض البلاد الإسلامية هو لباس الناس، هل نقول: إن البنطلون تشبه؟ الجواب: لا، لأنه ليس خاصًّا بالكفار.
مسألة: وهل يشترط في التشبه القصد أو لا يشترط؟ الجواب: لا يشترط؛ لأن الإنسان لو قصد التشبه لكان الخطر عظيمًا؛ لأنه لا يقصد التشبه بهم إلا من ملئ قلبه -أو كاد يملأ- بمحبتهم وتعظيمهم، بل إن التشبه حاصل بصورة التشبه سواء قصد أم لم يقصد. هذا نقوله باعتبار الشخص نفسه، أما باعتبار إنكارنا عليه فإننا ننكر عليه مطلقًا، لأننا لو سكتنا عن الإنكار عليه لأمكن كل واحد أن يقول إنني لم أقصد التشبه، فنحن نقول: الإنكار