للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِمَا يُحْيِيكُمْ} ليس قيدا ولكنه كشف وبيان لأنك لو جعلته قيدًا لكان دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للمؤمنين ينقسم إلى قسمين:

قسم يراد به الإحياء، وقسم يراد به الإماتة، وهذا غير صحيح، إذن فقوله: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} بيان وكشف لما يدعو إليه وأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو الناس إلا لشيء يحييهم.

يقول: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} هذا من باب التوكيد: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ}؛ لأن الكفر عصيان لكن كأن الجملة هذه -والله أعلم- تعليل لذلك. فكان الكفر سببًا لضرب الذلة عليهم والمسكنة والغضب لأنه عصيان ومخالفة.

{وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} تعود إلى قتل الأنبياء. فقتل الأنبياء عدوان، والكفر بالله معصية مع العلم بأنه كله معصية، ولكن هذا للعدوان أقرب، وهذا للمعصية أقرب.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن هؤلاء الذين ينتسبون للكتاب ولاسيما اليهود منهم قد ضربت عليهم الذلة، فهم أذل الناس حتى إنه قيل: إن اليهودي لا يمكن أن يشهر السلاح على من عدا عليه بغير سلاح، يعني لو كان مع اليهودي سلاح وعدا عليه شخص بغير سلاح سقط السلاح من يده من شدة ما ضرب عليه من الذلة.

٢ - أن هؤلاء اليهود قد يكون لهم عزة بحبل من الله أو حبل من الناس. نحن قلنا: إن المراد بالحبل من الله إمّا الإِسلام أو الذمة، إن كان هو الإِسلام فإن الاستثناء منقطع؛ لأنهم إذا أسلموا لم يكونوا من أهل الكتاب بل صاروا من المسلمين، وإن كانت الذمة فالاستثناء متصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>