للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآيات الكونية تتعلق بالربوبية، والآيات الشرعية تتعلق بالربوبية والألوهية، ولهذا فهي منهج عبادة للخلق كما أنها من حيث كونها حكمًا تتعلق بالربوبية، فإن لها علاقة وصلة بالربوبية لأنها حكم، والحكم يتعلق بالربوبية؛ لأن الرب هو الخالق المالك المدبر.

{يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} هذا أيضًا من أفعالهم الشنيعة أنهم يقتلون الأنبياء، وهذا أعلى ما يكون من الجناية على البشر. الضرب، الحبس، الإهانة، الأذى كله دون القتل، فأعلى أنواع الأذية القتل، هؤلاء يقتلون الأنبياء -والعياذ بالله- قتلًا إما ذبحًا بالسكين أو رميًا بالحجر أو بالسهم أو غير ذلك، المهم أنهم يقتلون الأنبياء فأخلّ هؤلاء بالتوحيد والرسالة، بالتوحيد بكفرهم بآيات الله، وبالرسالة بقتلهم الأنبياء.

وقوله: {بِغَيْرِ حَقٍّ} هذه الصفة ليست قيدًا ولكنها كشف وإيضاح، لو قلنا إنها قيد لزم من ذلك أن ينقسم قتل الأنبياء إلى قسمين: قسم بحق وقسم بغير حق، وهذا لا يكون؛ لأن قتل الأنبياء كله يكون بغير حق. ولو قلنا إنها للإيضاح والكشف صار المعنى يختلف فلا تكون قيدًا بل تكون لبيان الواقع أي أن قتل الأنبياء بغير حق، فيكون المقصود بذلك شدة التوبيخ لهؤلاء، وأنهم يقتلون أشرف الخلق بغير حق، هذه لها نظائر منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١]. {الَّذِي خَلَقَكُمْ} صفة للإيضاح والكشف والبيان وليست للقيد. ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] فقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>