للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شخص مهما بلغ في الكفر والطغيان باللعنة، بل لا يجوز أن يدعو عليه باللعنة؛ لأن اللعنة هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ولا يحل لك أن تتحجر رحمة الله، فقد يمنُّ الله على هذا الكافر المجرم فيتوب، كما أنه سبحانه وتعالى قد يمن على الفاسق الذي لم يصل إلى حد الكفر فيستقيم وتصلح حاله.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يملك شيئًا من الأمر الكوني. وفي هذه الجملة ردٌّ على الذين يتعلقون بالرسول عليه الصلاة والسلام في الدعاء والاستعانة به والاستغاثة به حتى بعد موته، فتجدهم عند قبره الشريف يدعون الرسول عليه الصلاة والسلام صراحة، بل إنهم عند الدعاء ولو كانوا بعيدين يتجهون إلى القبر لا إلى القبلة، وهذا من سفههم.

٢ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكلف يأمره الله سبحانه وتعالى وينهاه، وعليه فيكون في هذا إبطال لدعوى من يقولون: إن الإنسان إذا وصل إلى حالة معينة من العبودية سقطت عنه التكاليف، وهذا قول طائفة من الصوفية الذين يقولون: إن الإنسان يترقى في اليقين حتى إذا وصل إلى الدرجة العليا سقط عنه التكليف، وصار كل شيء حرامٍ حلالًا له، وكل شيء واجب ليس بواجب عليه، فلا يوجبون عليه الصلاة، ولا يحرمون عليه الزنى ولا شرب الخمر؛ فيقال لهم: إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام وهو أشرف الخلق لا يصل إلى هذه المرتبة فما بالك بمن دونه؟ ! .

٣ - أن الله سبحانه وتعالى قد يتوب على أعتى الناس وأشدهم كفرًا لعموم قوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>