وقوله:{مِنْ أَنْصَارٍ} يعني: من أعوان؛ لأن الناصر بمعنى المعين. وسواء كان العون في دفع العذاب عنهم أو في تخليصهم منه، فلا أحد ينصرهم عند إدخالهم فيمنعهم، ولا أحد ينصرهم إذا سقطوا فيها فيخرجهم. قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥].
وقد يستدل بعض الخوارج بهذه الآية:{إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} على أن من دخل النار فهو منزوع الإيمان؛ لأن الله تعالى يقول:{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[التحريم: ٨]، فالرد عليهم: أنه ليس فيه دليل على هذا؛ لأن الخزي قد يكون عامًا دائمًا، وهذا لأهل النار الذين يستحقون الدوام فيها، وقد يكون خزيًا جزئيًا يفضح به ثم يزول عنه.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - فقه هؤلاء السادة أولي الألباب حيث بيَّنوا سبب دعائهم أن يقيهم الله من النار، وأن سبب ذلك هو أن النار دار الخزي والعياذ بالله {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}.
٢ - إثبات النار؛ لقوله:{مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ}.
٣ - أنه لا نصير للظالم وذلك في الآخرة، أما في الدنيا فقد ينصر الظالم، ولكن تدور عليه الدوائر، أما في الآخرة فلا أحد ينصره.
٤ - أن الظلم سبب دخول النار؛ لقوله:{وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} بعد قولهم: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}.