للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غير القرآن وحولت الجملة بالتقديم والتأخير فقلت: ولكن يظلمون أنفسهم لاستقام الكلام.

إذن فأنفس هذه مفعول به مقدم، وفائدة التقديم الحصر، يعني أنهم ما ظلموا الله عزّ وجل، والله أيضًا ما ظلمهم ولكنهم ظلموا أنفسهم، أما كونهم ما ظلموا الله لأن الله تعالى قال: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، وأما كونهم لم يُظلموا فلأن الله تعالى يقول: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} فالله تعالى لم يظلمهم وهم لم يظلموا الله، لم ينقصوه شيئًا وإنما نقصوا أنفسهم {وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - بيان أن الكفار مهما بلغوا في القوة عددًا ومددًا فان قوتهم لن تغنيهم من الله شيئًا، عددًا لقوله: "أولاد" ومددًا لقوله: "أموال"، مهما كثرت قوتهم عددًا ومددًا فإنها لن تغني عنهم من الله شيئًا.

٢ - تمام قدرة الله وسلطته على العباد حيث إن الكفار العتاة لا يستطيعون أن يدفعوا شيئًا بأموالهم وأولادهم مما قضاه الله عزّ وجل، فان قال قائل: مفهوم الآية أن المؤمنين تغني عنهم أموالهم وأولادهم من الله شيئًا، قلنا: هذا غير مراد؛ لأن الآية سيقت في الرد على الكفار الذين يفتخرون بأموالهم وأولادهم، فبيَّن الله أن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم من الله شيئًا، أما المؤمنون فقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩] ولا أحد ينفعه ماله وولده إلا أن يكون عونًا له على طاعة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>