للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختبار، والتمحيص: تنقية، ولهذا اختلف التعبير فقال: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} ولم يقل: ما في صدوركم بل قال: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} من الأذى الذي يضركم في دينكم؛ لأن كراهة ما وقع أو إرادة ما لا ينبغي إرادته أين تكون؟ تكون في القلب، ولهذا كان التمحيص على ما في القلب أو كان التمحيص لما في القلب لا للقلب نفسه، والابتلاء للقلب نفسه، ويبتلي ما في صدوركم ويمحص ما في القلوب أي ينقي، فاختلف المورد. المورد في الأول: القلب، وفي الثاني: ما في القلب.

{وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}:

الجملة هذه استئنافية لبيان إحاطة علم الله بما في القلب {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: ١٦، ١٧].

وفائدة ختم الآية بها أنه لما بيَّن أن الله تعالى قدّر ما قدّر لهاتين الحكمتين الابتلاء والتمحيص، بيَّن أنه بعد ذلك سيعلم ماذا يكون في القلب بعد هذا الابتلاء وهذا التمحيص.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الله عزّ وجل هو الذي يجلب للمرء النوم أو يرفعه عنه؛ لقوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}، ولكن الله بحكمته جعل للنوم أسبابًا، فالإنسان مثلًا إذا اضطجع واسترخى أتاه النوم، وإذا انشغل قلبه واهتم لأمر ما فإنه لا يأتيه النوم، وهذا كغيره من الأشياء التي تكون بإرادة الله ولكن لها سبب.

<<  <  ج: ص:  >  >>