للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجز، فهو لكمال صدقه وكمال قدرته لا يخلف الميعاد، وهذه الصفة من الصفات السلبية، والسلب بمعنى النفي. وقد قررنا غير مرة أن الصفات السلبية يراد بها شيئان:

الأول: انتفاء الصفة التي نفيت.

الثاني: إثبات كمال ضدها، يعني: انتفى عنه هذا لكمال ضده، هذا هو المعنى. فإذا قلت: فلان لا يكذب، فالمعنى أنه كامل الصدق لا يوجد في كلامه كذب، ولهذا نقول: إن الصفات المنفية عن الله سبحانه لا يراد بها مجرد النفي، وإنما يراد بها إثبات كمال الضد.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أنه ينبغي للداعي أن يكثر من الثناء على الله تعالى بأسمائه وصفاته؛ لأن هذا من وسائل إجابة الدعاء.

٢ - كمال إيمان هؤلاء بوعد الله؛ لقوله: {وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا} إذ لو كان عندهم شك ما سألوا هذا السؤال.

٣ - أن الرسل هم الواسطة بين الله وبين خلقه؛ لقوله: {عَلَى رُسُلِكَ} ولا شك أن الرسل هم الواسطة بين الله وبين خلقه؛ ومن حكمة الله أن جعلهم من البشر؛ لأنه لا يمكن التلاؤم بينهم وبين البشر إذا لم يكونوا من جنسهم، ولهذا قال الله تعالى رادًا على الكفار الذين قالوا: لو كان محمدٌ ملكًا لآمنا به، قال الله سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: ٨، ٩] وحينئذ تعود المشكلة على زعمهم {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>