للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: ٢٢].

{أُولَئِكَ}: المشار إليهم هؤلاء الذين يكفرون بآيات الله، ويقتلون النبيين بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ فهؤلاء الذين قامت بهم هذه الصفات، هم الذين حبطت أعمالهم.

وحبوط الشيء: يعني ذهابه وزواله وعدم الاستفادة منه. فهؤلاء حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة؛ فأما في الآخرة فظاهر؛ لأنهم لن يستفيدوا من أعمالهم، وإن كانت خيرًا كالإحسان إلى الناس، فإن ذلك لا ينفعه في الآخرة؛ لقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣].

وأما في الدنيا فلأنهم لما لم يستفيدوا منها، صاروا كأنهم لم يعملوها، فأعمالهم لم تنفعهم. وشاهد هذا قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: ١٥].

وقوله: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}:

يعني: هؤلاء الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، ليس لهم أحد ينصرهم. وأكد سبحانه وتعالى النفي هنا بـ {مِنْ} الزائدة، يعني: ما لهم أحد ينصرهم، لا على سبيل الاجتماع، ولا على سبيل الانفراد، لأن (مِن) الزائدة إذا دخلت تجعل النفي نصًّا في العموم، كـ (لا) النافية للجنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>