للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوم هدى وموعظة، وعلى قوم عمَى ورجس؛ لأن القلوب بمنزلة الأراضي، الأراضي منها أرض طيبة تقبل الماء، وتنبت الكلأ، وينتفع بها الناس، ومنها أرض صلبة، لا تشرب الماء، ولكن تحفظ الماء، فينتفع به الناس، ومنها أرض سَبخَة قِيعَان، تشرب الماء ولكنها لا تنبت، فيزيدها الماء ضررًا؛ لأنها إذا كانت يابسة أمكن السير عليها، وإذا كانت رطبة لا يمكن السير عليها، تكون زلقًا وحرًا، ومع ذلك لا ينتفع بها الناس، لا بماء تحبسه، ولا بنبات تخرجه، فهكذا القرآن بالنسبة للناس؛ منهم من ينتفع به ويزداد هدى وتقوى، ومنهم من لا ينتفع به، بل لا يزداد إلا عمى وضلالة، لأنه كلما كذب بآية ازداد إثمًا وعقوبة.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن القرآن بيان للناس في كل شيء، فهو عام من حيث التبيين، وعام من حيث المبيَّن له، المبيَّن له نأخذ العموم من قوله: {لِلنَّاسِ}، والتبيين من كونه حذف المتعلق، وحذف المتعلق يدل على العموم {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} لكل شيء، ويؤيد هذا الآيات التي ذكرناها آنفًا كقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩].

٢ - أن القرآن صالح لهداية المؤمن والكافر؛ لقوله: {لِلنَّاسِ} فهو يشمل المؤمن والكافر.

٣ - أنه عِلْمٌ لكن للمتقين، يعني لا ينتفع به إلا المتقون؛ لقوله: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}.

٤ - أن من لم يتعظ بالقرآن فليتهم نفسه؛ لقوله تعالى: {وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} فإذا لم تتعظ بالقرآن فاتهم نفسك، فإن فيك

<<  <  ج: ص:  >  >>