نقول: لأن هؤلاء سيقيض لهم من يبلغهم إياه، ولهذا كثير من علماء المسلمين الآن الذين لهم قدم صدق في العلم والدين، كثير منهم عجم. وإن شئتم فاعجبوا! إن مرجع أكثر الناس في اللغة العربية الآن كتاب "القاموس المحيط" الذي ألفه أعجمي: الفيزوزآبادي رحمه الله. وفي النحو من إمام البصريين؟ سيبويه رحمه الله.
فالحاصل: أن العجم -والحمد لله- بلغهم القرآن بواسطة، ليس لازمًا أن يأخذوه بأنفسهم، وبعضهم تَعَرَّب وصار لسانه عربيًا.
كل الناس، كل من قرأ القرآن تبيّن له ما دلَّ عليه القرآن، ولكن هل كل من بان له ذلك يهتدي؟
الجواب: لا. ولهذا قال:{وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}، هدى بمعنى دلالة يستدل بها المتقي. وموعظة بمعنى امتثال؛ لأن الموعظة هي تليين القلوب بذكر ما يخاف منه، أو ذكر ما يرغب فيه، فهو هدى يعني دلالة، وموعظة يعني امتثالًا.
فوصف الله القرآن بثلاثة أوصاف، وصف عام، ووصفان خاصان، الوصف العام هو (بيان للناس)، والخاصان (هدى)(وموعظة). فإنه لا يهتدي به إلا المتقون، ولا يتعظ به إلا المتقون. أما مَن ليس كذلك فهو عليهم عمى والعياذ بالله، ولا يزدادون به اتعاظًا، بل يقول الله عزّ وجل:{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} أي نجاسة إلى نجاستهم، {وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة: ١٢٥].
فسبحان الله، كلام واحد يكون له هذا التأثير المتباين؛ في