للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغفرة بها زوال المكروه، والرحمة بها حصول المطلوب، أي أنكم يحصل لكم مطلوبكم وتنجون من مرهوبكم، والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، والرحمة تقتضي الإحسان إلى المرحوم والإنعام عليه.

وفي قوله {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ} إضافة المغفرة إلى الله تدل على عظمة هذه المغفرة، وذلك لأن الشيء يعظم بعظم باذله، فمثلًا: إذا قلت: أعطاني الملك عطية، وقلت: أعطاني الصعلوك عطية، والصعلوك هو الفقير، إذا قلت: أعطاني الملك عطية يتصور الناس أنها كثيرة. وإذا قلت: أعطاني الصعلوك عطية يتصورون أنها قليلة، فالشيء يعظم بحسب ما يضاف إليه؛ فلهذا قال {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ} أي ابتداؤها منه فهو الذي يبتدئها عزّ وجل ويتفضل بها.

{وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يعني خير مما يجمعون أو خير مما تجمعون من الدنيا كلها، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن من قتل في سبيل الله أو مات من المؤمنين فقد انتقل إلى خير من الدنيا كلها؛ لقوله: {خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

٢ - مِنَّةُ الله عزّ وجل على عباده بتسليتهم في الأمور التي يهمهم فواتها، فالإنسان يهمه فوات الدنيا، فكلٌ يحب أن يبقى في الدنيا، فإذا جاءت التسلية من الله وقيل: إنك إذا مت أو قتلت انتقلت إلى ما هو خير، فإن الإنسان يتسلى بهذه ويقول: الحمد لله أنني إذا انتقلت إلى الآخرة فأنا أنتقل إلى خير من الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>