للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان الشهادة، بل لو قيل بمشروعية هذا لم يكن بعيدًا، وقد قال عمر - رضي الله عنه -: اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك والموت في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم -، فكان الناس يقولون: كيف هذا الدعاء وكيف يجاب والمدينة بلد إسلامي؟ ولكن الله أجاب دعاءه فقد قُتل ظلمًا وهو يصلي، ولم يقتل لأنه عمر بن الخطاب بل قتل لأنه قائم بأمر الله، منفذ لشريعة الله، قتله مجوسي مضاد للمسلمين، حرب على المسلمين، قتل في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام ومات فيها، وقد تتمنى الشهادة، لكن ذكر بعض المتأخرين أنه لا يجوز أن تتمنى الشهادة، قال: لأن تمنيك الشهادة يستلزم أن الأعداء يغلبون المسلمين، فليتأمل هذا الكلام هل هو حق أم باطل؟

* * *

• ثم قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٤].

قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}: محمد يعني محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي خاتم الأنبياء كونه (رسولًا) فهذا أمر معلوم، لكن محط الفائدة قوله: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} توطئة لما بعده وهو قوله: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} يعني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسول قد خلت من قبله الرسل فماتوا من قبله ومنهم من قُتل كما قال الله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: ٦١]، فإذا كان كذلك فهل أقوامهم لما ماتت أنبياؤهم أو قتلوا هل تركوا أديانهم؟ الجواب: لا، لم يتركوا الأديان، وذلك لأن الأمم إنما تعبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>