للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتتبع الرسل، والرسل لا تنقطع رسالتهم بموتهم، بل رسالتهم باقية ما بقيت الرسالة حتى تأتي رسالة تنسخها، أما رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا ناسخ لها لأنها آخر الرسالات. وهذه الآية نزلت حينما صاح الشيطان في يوم أحد، يقول: إن محمدًا قد قُتل، فلما قال هذا فتَّ ذلك في أعضاد الصحابة رضي الله عنهم.

أولًا: لأن موت النبي - صلى الله عليه وسلم - مصيبة عظيمة تحزن القلب وتضعف النفس.

ثانيًا: لأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان قائدهم، وإذا مات القائد فإنه لا شك سيكون له أثر على الذين ينقادون بقيادته، فلما شاع الخبر بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قُتل حصل ما حصل على المسلمين فأثابهم غمًّا بِغَمٍّ وصار عند بعضهم بعض الشك، ولكن الله عزّ وجل وبَّخهم فقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، فإذا كان كذلك فهل الرسل الذين سبقوا وماتوا أو قتلوا هل ارتد أقوامهم من بعدهم؟ لا، ولكن بقيت الرسالات وبقي الاتباع، وهنا قال: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} الهمزة هنا للاستفهام التوبيخي يعني: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل؟ هذا لا يليق بكم ولا ينبغي لكم، بل ما دامت شريعته باقية فاتباعه باق، ولا يليق بأي مؤمن أن يرتد على عقبه إذا مات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

قال الله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} هذه جملة شرطية، (إن) أداة الشرط، و {مَاتَ} فعل الشرط و {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} جواب الشرط، ولكن محل التوبيخ هو جواب الشرط حقيقة، لأنه يوبِّخهم على انقلابهم على تقدير أن يكون مات أو قتل، أي: أتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل؟ لا يليق بكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>