{إِنَّ} فيها قراءتان: القراءة الأولى: فتح الهمزة، والثانية: كسر الهمزة؛ فعلى قراءة فتح الهمزة تكون عطف بيان لقوله:{أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[آل عمران: ١٨]، يعني: وشهد أنه لا إله إلا هو، وأن الدين عند الله الإسلام.
و{الدِّينَ}: يراد به العمل، كما في قوله تعالى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: ٦]، أي: لكم عملكم ولي عملي، وكما في قوله:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥]، ويراد به الجزاء كما في قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤].
والمراد به في هذه الآية العمل، يعني: إن الدين الذي هو عبادة الله والعمل له، هو الإسلام.
و{الْإِسْلَامُ}: مصدر أسلم يسلم. والإسلام هو التعبد لله تعالى بما شرع، حال قيام الشريعة. وهذا الإسلام بالمعنى العام. أما الإسلام بالمعنى الخاص -وهو المراد هنا- فهو التعبد لله بشرع محمد - صلى الله عليه وسلم -.
والدليل على هذا التقسيم من القرآن أنَّ الله تعالى وصف إبراهيم بأنه كان حنيفًا مسلمًا. وقال عن ملكة سبأ:{وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[النمل: ٤٤]. وقال يعقوب لبنيه:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة: ١٣٢]. وقال عن التوراة: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ