وَالْأَحْبَارُ} [المائدة: ٤٤]. والآيات في هذا كثيرة.
ولهذا لو سألنا سائل: هل اليهود والنصارى مسلمون؟ فنقول: أما بالمعنى العام فهم مسلمون، يعني: أنه لما كانت شريعة التوراة قائمة، وكانوا يتبعونها، فهم مسلمون بلا شك. وأما بالمعنى الخاص الذي لا يراد سواه بعد بعثة محمد عليه الصلاة والسلام، فليسوا بمسلمين، بل هم كفار بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
وهنا ننبِّه أن كثيرًا من الكُتَّاب اليوم إذا تكلموا عن اليهودية والنصرانية والإسلام، يقولون: هذه الأديان السماوية. فيظن السامع أن دين اليهود قائم، وأن دين النصارى قائم، كقيام دين الإسلام. وهذا لا يصح، فإن هذه الأديان أديان سماوية بلا شك، لكنها حرِّفت، وبُدِّلت، وغُيِّرت ونسخت ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فليست دينًا يرتضيه الله اليوم، بل المتمسكون بها كفار، لا يعدون من المسلمين.
وربما توهم بعض العامة أن اختلاف هذه الأديان كاختلاف المذاهب الإسلامية، يعني: كاختلاف مذهب الشافعي، ومالك، والإمام أحمد، وأبي حنيفة، وهذا خطأ عظيم؛ لأنه من زعم أن هناك دينًا قائمًا بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر، فإن دينه نسخ جميع الأديان، يقول الله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.
والمراد بالإسلام هنا الدين كله بجميع شرائعه الظاهرة والباطنة، فليس قَسِيم الإيمان المذكور في حديث جبريل عليه السلام (١)، بل المراد به ما يعمُّ جميع شرائع