الإسلام فالصلاة من الإسلام، والزكاة من الإسلام، والتوكل على الله من الإسلام، والخوف منه من الإسلام، وهكذا جميع شرائع الدين من الإسلام. وقوله:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} يعني: إن المرجع في كون هذا الشيء دينًا أو غير دين، هو الله عزّ وجل.
يعني: إن الإسلام قد اتفقت عليه الأمة، ولم تختلف فيه، لكن الأمم السابقة جرى منهم الاختلاف، ومع ذلك لم يختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم، وعلموا الحق لكنهم اختلفوا فيه بغيًا وعدوانًا، كل واحد منهم يبغي على الآخر؛ كل واحد منهم يقول: إن دينك باطل، فتفرقوا وتمزقوا. وهذا كما وجد في الأمم السابقة، وُجِدَ في هذه الأمة؛ نجد بعض العلماء يخالف الآخرين، ثم يجعل من هذا الخلاف خلاف قَلْبٍ؛ فتتنافر القلوب وتتشتت، فمن كان على ذلك ففيه شبه من اليهود والنصارى.
وقوله:{إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} أي: العلم بالشريعة، فبعد أن عرفوا الشريعة وفهموها تنازعوا فيها. وقوله:{بَغْيًا بَيْنَهُم} يعني أن الحامل لهم على هذا الاختلاف هو البغي، حيث إن بعضهم يبغي على بعض؛ ولهذا جرى بين اليهود وبين النصارى من الحروب ما هو معلوم.