للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُثبت وتُقرِّر أن الطعام كان حلًّا لبني إسرائيل -كل ما يُطعم- ثم حرَّم إسرائيل على نفسه أشياء، وبقي هذا التحريم في ذريته حرام عليهم. إذن هذا نسخ لكنه في الحقيقية ليس النسخ الكامل الذي يأخذ الحكم كله، ولكنه نسخ لبعض أفراده، وهو ما يسمَّى عند بعض الأصوليين بالتخصيص، ويُسمَّى عند السلف بالنسخ.

إذن في هذا إقامة الحجة عليهم بما ادَّعوه من أنه لا يمكن أن تُنسخ الشرائع، وأنكَ يا محمد كاذب، وأن عيسى كاذب. فأراد الله أن يُبَيِّن كذبهم من كتبهم.

* * *

• قال تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [آل عمران: ٩٤].

{فَمَنِ}. (من) عامة، يعني أي إنسان يفتري على الله الكذب، والافتراء معناه: التقوُّل بغير حق، يعني أن تنسب إلى الشخص ما لم يقله، هذا الافتراء.

وقوله: {الْكَذِبَ} أي: الإخبار بخلاف الواقع؛ لأن الإخبار بالواقع يُسمَّى صدقًا، وبما يخالف الواقع يُسمى كذبًا، فمن قال بعد هذا البيان أنه لا يمكن أن تنسخ الشرائع بعضها ببعض فهو ظالم.

يقول الله عز وجل: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

{فَأُولَئِكَ}: المشار إليه من افترى، و {هُمُ الظَّالِمُونَ}: الجملة اسمية، و {هُمُ} ضمير فصل، وليس له محل من الإعراب، وإنما جيء به للفصل بين الخبر والصفة، وقد ذكرنا أنه يُفيد ثلاثة أمور: (التوكيد، والحصر، والفصل بين الخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>