للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مقتضى السياق أن يقول: ومن كفر فإن الله غني عنه، كما في قوله تعالى في آية أخرى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: ٧] فهنا قال: {غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} والإظهار في موضع الإضمار ذكرنا أنه يفيد عدة فوائد منها:

١ - إرادة العموم؛ لأنه لو قال: فإن الله غني عنه لم تفد في العموم ما أفاده قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

٢ - الإشارة إلى أن هذا الذي وضع فيه الظاهر موضع المضمر من هؤلاء العالمين, يعني أن الله غني عنه كما أنه غني عن جميع العالمين.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - أن أول بيت وضع للعبادة هو الكعبة التي في مكة فيكون سابقًا على بيت المقدس, وآخر بيت وضع للعبادة المسجد النبوي. وهذه هي المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تشد الرحال -إذا قلنا لا تشُدوا الرحالَ فهي بالفتح، وإن قلنا لا تُشدُ الرحالُ فهي بالضم- إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام, ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" (١).

٢ - أن تقدم المكان في العبادة له أثر في تفضيله، لقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ}. وهذا يراد به التفضيل، ولهذا قال العلماء: إن المسجد الأسبق في إقامة الجماعة فيه


(١) رواه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة , رقم (١١٨٩). ورواه مسلم، في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلي ثلاث مساجد، رقم (١٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>