الورثة أن يقيموا من يحج عنها؛ لأن هذه المرأة كالمرأة الفقيرة سواء، ليس عليها حج.
وإن قلنا إنه شرط للأداء لزم الورثة أن ينيبوا من يحج عنها، أو أن يحجوا هم بأنفسهم عنها.
قال الله تعالى:{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}:
يعني أن من حجَّ البيت عند الاستطاعة فقد أدى فريضته، ومن كفر يعني فلم يحج، فكفر هذه الفريضة، ولم يقم بها، فإن الله غني عن العالمين، أي عن كل أحد؛ لأن المراد بالعالمين هنا من سوى الله، فهي كقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: ٢]، وقد يطلق العالم على بعض الأفراد مثل قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان: ١]، فإن المراد بالعالمين هنا الإنس والجن؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما أرسل إلى الإنس والجن.
فالعالمون تارة يراد بها ما سوى الله، وتارة يراد بها البعض منهم حسب ما يقتضيه السياق والمعنى.
وقوله {وَمَنْ كَفَرَ}{مَنْ} هنا يحتمل أن تكون اسمًا موصولًا، ويحتمل أن تكون شرطية. أما على كونها شرطية فالفاء في قوله:{فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} رابطة وإنما احتيج إليها لأن جواب الشرط جملة اسمية. وأما على كون {مَنْ} اسمًا موصولًا فإنما وقعت الفاء في خبرها؛ لأن الاسم الموصول مُشْبِه للشرط في العموم، فيعطى حكمه، يعني والذين كفروا فإن الله غني عن العالمين.
وفي قوله:{غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} إظهار في موضع الإضمار؛