ولا يمكنه أن يحج، لضعف في بدنه، فهنا ينتفي عنه الوجوب؛ لأنه غير قادر. إذن القادر هو القادر بماله أو بدنه أو بهما. والقدرة هي القدرة الحسية. أما القدرة الشرعية ففيها خلاف؛ فمنهم من قال إنه يشترط أيضًا القدرة الشرعية، الاستطاعة الشرعية، فلو كان هناك امرأة غنية قادرة ببدنها، لكن ليس لها محرم فإن الحج لا يجب عليها؛ لأنها عاجزة شرعًا عن الحج، لعدم وجود المحرم، وسفر المرأة بلا محرم ولو للحج غير جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خطب وقال:"لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" سأله رجل وقال: إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال:"انطلق فحجَّ مع امرأتك"(١).
واختلف العلماء في مسألة الاستطاعة الشرعية، هل هي شرط للوجوب أو شرط للأداء؟ ويختلف الحكم باختلاف القولين، فإذا قلنا: إنها شرط للأداء فقط لزم المرأة أن تنيب من يحج عنها إذا كانت قادرة بمالها أو بمالها وبدنها.
وإذا قلنا: إنها -أي الاستطاعة الشرعية- شرط للوجوب، فإن هذه المرأة لا يلزمها أن تنيب من يحج عنها. هذا فرق. الفرق الثاني: لو ماتت هذه المرأة القادرة بمالها وبدنها على الحج لكن ليس لها محرم، فهل يكون الحج دَينًا في تركتها فيلزم الورثة أن يقيموا من يحج عنها أو لا؟ .
إن قلنا بأن الاستطاعة الشرعية شرط للوجوب فإنه لا يلزم
(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة، رقم (٣٠٠٦). ورواه مسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره، رقم (١٣٤١).