{مَنِ اسْتَطَاعَ} طريقًا إلى البيت، ووصولًا إليه. والاستطاعة: يعني بذلك القدرة، فمن لم يستطع فلا حج عليه.
فإن قال قائل: هذا الشرط ثابت في كل عبادة؛ لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فلماذا قيَّد وجوب الحج بالاستطاعة مع أنه شرط مفهوم معلوم؟
فالجواب عن ذلك: أنه لما كان الوصول إلى البيت شاقًّا، أشق بكثير من سائر العبادات، نصَّ على اشتراط الاستطاعة، وإلا فلا شك أن كل العبادات لا تجب إلا بالاستطاعة {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، "فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(١).
وهل المراد بالاستطاعة الاستطاعة بالمال أو بالبدن أو بهما؟ .
نقول: الآية مطلقة، فمن استطاع الوصول ببدنه وجب عليه وإن لم يكن عنده مال، كما لو استطاع أن يمشي إلى مكة ويأتي بأفعال المناسك.
ومن استطاع بماله دون بدنه وجب عليه الحج، لكن عن طريق الاستنابة، ومن كان عنده مال وهو قادر بالبدن، فالحج واجب عليه ولا إشكال.
إذن الاستطاعة لا نقيدها بالبدن أو بالمال، نقول: سواء قدر بماله أو ببدنه أو بهما. فإن عجز بماله وبدنه بأن كان فقيرًا،
(١) رواه البخاري، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن الرسول، رقم (٧٢٨٨). ورواه مسلم، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، رقم (١٣٣٧).