للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى لو رأى الإنسان قاتل أبيه في مكة فإنه لا يتعرض له حتى يخرج، هكذا كانت محترمة.

ثم قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}:

فيها قراءتان (حِج) و (حَج) وهما بمعنى واحد.

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} اللام للاستحقاق في قوله: {وَلِلَّهِ} و {عَلَى} للوجوب، أي يجب على الناس حقًّا لله أن يحجوا البيت. وحج البيت أي قصده؛ لأن الحج في اللغة القصد. والمراد به قصده على الوجه الذي شرعه الله، بأن يأتي الإنسان بالمناسك المشروعة.

وقوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ}:

{مَنِ} هذه بدل من الناس، بدل بعض من كل؛ وذلك لأن الناس قسمان: مستطيع، وغير مستطيع. فالمستطيع بعض من الناس. ولهذا قلنا: إن هذا البدل بدل بعض من كل، وبدل البعض من الكل كثير في اللغة العربية، تقول مثلًا: أكلت الرغيف ثلثه، وقال تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: ٢ - ٤]. إذا جعلنا نصفه بدلًا من الليل فهو بدل بعض من كل. وقد يبدل الكل من البعض، لكنه قليل في اللغة، ومنه قول الشاعر:

رحم الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات (١)

الشاهد هنا قوله: (طلحة) بدل من الأعظم، والأعظم بعض من الإنسان.


(١) عبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>