للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما دنوها زمنًا فظاهر؛ لأنها قبل الآخرة، وأما دنوها قدرًا فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها" (١).

(موضع السوط): لعله يقارب المتر، (خير من الدنيا وما فيها)، من الدنيا: ليست دنياك التي أنت فيها، وليست دنياك الخاصة بك أنت، بل الدنيا من أولها إلى آخرها. إذن فالحياة هذه بالنسبة للآخرة دانية، من الدنو وهو الانحطاط.

وقوله: {إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}: أي إلا متعة تغر صاحبها وتخدعه، وكم من أناس زُيِّنت لهم الدنيا فانخدعوا بها، وكان مآلهم إلى وادٍ سحيق -والعياذ بالله- لأنهم اغتروا بها.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الموت حقٌّ لابد منه؛ لقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.

٢ - حث الإنسان على المبادرة للعمل الصالح؛ لأنه إذا كان ميتًا ولا محالة وهو لا يدري متى يموت، فإن العقل كالشرع يقتضي أن يبادر ولاسيَّما في قضاء الواجبات والتخلي عن المظالم. فلا تُهْمِلْ ولا تؤخِّر، فإن التأخير له آفات، كثيرًا ما يقول الإنسان: أنا سأفعل هذا غدًا ولكن يتهاون، ثم يأتي غد وما بعده، ويضيع عليه الوقت.

٣ - أن كمال الأجر إنما يكون يوم القيامة؛ لقوله: {وَإِنَّمَا


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم (٢٨٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>