للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢].

يقول الله عزَّ وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}، وما أكثر ما أمر الله بالتقوي في كتابه في آيات كثيرة، بل جعلها الله وصية لجميع الخلق: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١] والتقوى مأخوذة من الوقاية، ولهذا يقال: إن أصلها (وَقْوَى) مؤنث من الوقاية. والوقاية اتخاذ الإنسان ما يقيه الذي يضره. ولهذا نقول: إن أجمع تفسير للتقوى أن يقال: التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه. هذا أجمع ما يقال.

وقوله عزّ وجل: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} {حَقَّ} مفعول مطلق مبيِّن لنوع التقوى التي أمرنا بها. أي اتقوا الله على هذا الوجه حق تقاته. ومعنى {حَقَّ تُقَاتِهِ} أن تتقوا الله ما استطعتم؛ لأن هذه هي التقوى التي أمرنا بها في آية أخرى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] أي ابذلوا كل ما تستطيعون في تقوى الله. ولهذا لا تظنوا أن هذه الآية {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أنها تهوِّن التقوى؛ لأن الناس يتخذ من هذه الآية تهوينًا لأمر التقوى ويقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والحقيقة أنها بالعكس، يعني اتقوا الله بقدر تستطيعون، ابذلوا كل الجهد في تقوى الله عزّ وجل. فيكون قوله: {حَقَّ تُقَاتِهِ} موازيًا لقوله: {مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وبناء على هذا تكون الآية محكمة أي غير منسوخة. وهذا القول هو الراجح. ومقابله أن الآية منسوخة، وأنها أمر بما فيه مشقة، وأن المراد بتقوى الله أن يذكر فلا ينسى، ويطاع

<<  <  ج: ص:  >  >>