الشرع هو الذي ردَّنا إلى العرف، كما قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩]، {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢].
٧ - أن هؤلاء الذين دعوا إلى كتاب الله، ممن أوتوا نصيبًا من الكتاب، لم يتولوا جميعًا، بل تولى فريق معهم. والأمر كذلك فإن كثيرًا من اليهود والنصاوى أسلموا وحسن إسلامهم، وكان لهم قدم صدق في الإسلام.
٨ - ذَمُّ من يتولى بإعراض؛ لقوله:{يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} لأن التولي كما ذكرنا في التفسير، قد يكون عن إعراض وقد يكون عن غير إعراض. والتولي مذموم كله، ولكن إذا كان عن إعراض وعدم مبالاة كان أشد.
* * *
• ثم قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[آل عمران: ٢٤].
{ذَلِكَ}: المشار إليه التولي والإعراض بأنهم خدعوا أنفسهم وقالوا: {لَنْ تَمَسَّنَا} أي: لن تصيبنا إلا أيامًا معدودات، أياما قلائل؛ لأن كل معدود فهو قليل. ودليل ذلك قوله تعالى:{وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ}[هود: ١٠٤]، وقال:{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}[النساء: ٧٧]. فكل شيء معدود فهو قليل؛ لأن شيئًا يمضي بالعدد واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، لابد أن ينتهي.
فهؤلاء يقولون:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}. ثم يدعون أن الذي يخلفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.