للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلزم من الأذى الضرر، ولهذا قال تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني) (١)، وأثبت أن بني آدم يؤذونه فقال: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر) (٢)، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: ٥٧].

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}:

الإحاطة هنا: إحاطة العلم والقدرة والسلطان، فهو محيط بهم كإحاطة السور بمن في داخله، أي لا يتمكنوا أن يفروا من قضاء الله عزّ وجل وعلمه وسلطانه وقدرته، وقوله: {بِمَا يَعْمَلُونَ} (ما) هذه موصولة فتفيد العموم، والعائد: محذوف أي بما يعملونه محيط.

ثم قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}:

من هذه الآية إلى قريب آخر السورة كله في غزوة أُحد وما يتعلق بها، فقوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ} إذ: ظرف، عاملها محذوف تقديره: اذكر إذ غدوت، "وغدوت": بمعنى خرجت غُدوة أي في أول النهار كما كان الأمر كذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى غزوة أُحد في أول يوم السبت الحادي عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة. وفي هذا اليوم غدا الرسول الكريم من أهله.

وقوله: {مِنْ أَهْلِكَ} من: ابتدائية أي أن مبتدأ هذه الغدوة من أهله، من المدينة خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غاديًا إلى أُحد بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم هل يخرج أو لا؟


(١) تقدم تخريجه في المجلد الأول (ص ٥٦٠).
(٢) تقدم تخريجه (ص ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>