للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: ولا حسن مآب لهذا المتعلِّق بهذه الأشياء أي: إن عاقبته ليست حميدة، هكذا ذكره بعضهم، ولكن في النفس منه شيء.

والذي يظهر لي أن الآية ختمت بهذا: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} من أجل ترغيب الإنسان فيما عند الله عزّ وَجَلَّ، وأن لا يتعلق بمتاع الحياة الدنيا، ويدل لما ذكرتُ قوله: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} [آل عمران: ١٥].

* * *

• ثم قال الله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: ١٥].

قوله: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} يعني: أَأُخبركم بخير من ذلكم؛ يعني: المشار إليه في الآية السابقة. والاستفهام يفيد تنبيه المخاطب وحضور قلبه لما سيلقَى إليه، فهو كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: ١٠]، ثم إن في هذا الاستفهام معنى غير التنبيه وهو: التشويق، يعني: بعد أن قصّ الله علينا متاع الحياة الدنيا أمر نبيَّه أن يقول للناس: {أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ}؛ ليشوقهم إلى ذلك الخير.

وقال: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ولم يقل: "أأخبركم"، لأن النبأ إنما يقال في الأمور الهامة، كقوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)} [النبأ: ١ - ٢]، ولهذا قيل للنبي: "نبي"، ولم يُقَل: "مخبِر". فهذا أمر هام يحتاج إلى الإنباء عنه.

وقوله: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} فيها قراءة (أؤنبئكم) بتحقيق الهمزتين

<<  <  ج: ص:  >  >>