{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ}: يختص بمعنى يخص بالرحمة من يشاء. ولكنه عزّ وجل يختص برحمته من هو أهل للرحمة كما قال تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] كل فعل من أفعال الله قرن بالمشيئة فهو تابع للحكمة؛ لقوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان: ٣٠] فهو سبحانه عليم حكيم يؤتي فضله من يشاء ممن يستحق ذلك الفضل.
{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
{ذُو الْفَضْلِ}: أي صاحب الفضل. {الْعَظِيمِ}: أي الواسع الكثير، فلا فضل أعظم من فضل الله عزّ وجل، وانظر إلى ما أنعم الله به على العباد من أول الدنيا إلى آخرها، وكل ذلك لم ينقص مما عند الله شيئًا. قال الله تعالى في الحديث القدسي:"لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنَّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر"(١) .. اغمس المخيط في البحر وأخرجه، هذا البلل الذي حمله المخيط هل ينقص
(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، رقم (٢٥٧٧).