للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم؛ لأنكم لو قلتم للناس: إن هذه الأمة الإسلامية ستؤتى مثل ما أوتينا من الفضائل والشرائع لكان في ذلك حثٌّ على تمسكهم بدينهم.

وقيل المعنى: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} أي: لا تخبروا بهذا المكر والخداع أنكم تؤمنون أول النهار وتكفرون آخره من أجل أن يرجع المسلمون عن دينهم، لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم يعني لا تخبروا أحدًا إلا لمن تبع دينكم بأن يؤتى مثل ما أوتيتم من هذا المكر وهذا الخداع.

ثم قال تعالى: {أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ} يعني ولا تؤمنوا أيضًا أن يحاجوكم عند الله؛ لأنكم لو آمنتم بذلك وأنكم يوم القيامة سيحاجكم هؤلاء عند الله ما قبل أحد منكم هذه الحيلة. كما قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣١] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: ١٧]. فأنتم لا تخبرون الناس بهذا إلا لمن تبع دينكم .. فهم إذن يؤمنون بأنهم سوف يحاجهم المسلمون يوم القيامة عند الله.

قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} كما قالوا لا تؤمنوا لأحد أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} حتى لو حاولتم أن تخفوا ما يمنُّ الله به من الفضائل على هذه الأمة، فإن ذلك لن يمنع الأمر الواقع؛ لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وقد آتى الله هذه الأمة -ولله الحمد- ما يربو بكثير على الفضائل التي أوتيها بنو إسرائيل.

{وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} واسع في كل صفاته، واسع العلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>