للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ}:

هذا من قول الطائفة أي: لا تظهروا ما أنتم عليه إلا لمن تبع دينكم؛ لأنكم لو أظهرتم للمسلمين أنكم آمنتم ثم رجعتم من أجل إفساد دينهم ما قبلوا منكم هذا، ولا رجعوا. لكن إذا أخبرتم بهذا المكر والخديعة من تبع دينكم سلم لكم الأمر .. كأنهم يقولون: اخفوا هذه الطريقة إلا على من تبع دينكم، فمن تبع دينكم أخبروه، أما غيرهم فلا تخبروهم.

قال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ}.

وهذه الجملة معترضة، لكنها في محل موافق تمامًا؛ لأنه لما كان الغرض من هذا العمل الماكر أن يضلوا الناس عن دينهم صار من المناسب تمامًا أن يفسد هذا المكر ببيان أن الهدى هدى الله، والتوفيق بيد الله بأن يقول: لن ينفعكم هذا المكر والخداع، فإن الهدى هدى الله حتى لو عملتم هذه الطريقة الماكرة الخادعة، فإن ذلك لن يضر المسلمين شيئًا؛ لأن الهدى هدى الله.

ثم قال: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ}:

هذه أشكلت على المفسرين والمعربين كثيرًا، وأظهر ما نقول فيها أنها متعلقة بقوله: {وَلَا تُؤْمِنُوا} يعني ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، يعني لا تخبروا أحدًا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم لأنكم لو قلتم للناس إنكم ستؤتون مثل ما أوتينا من الكتاب والفضائل وغيرها؛ لأن الله آتى بَني إسرائيل كتبًا بل آتاهم التوراة التي فيها الهدى والنور، وآتاهم فضائل: ظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، وقتل عدوهم اللدود حتى شاهدوه. يقول: لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>