للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ يَشَاءُ}: ممن تقتضي الحكمة نصره أو تأييده. ويجب أن نقرن كل آية جاءت بلفظ المشيئة، أو جاءت معلقة بالمشيئة بالحكمة؛ لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: ٣٠].

وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ}: المشار إليه ما سبق من ذكر هذه القضية أي: إن في ذلك المذكور لعبرة، يعني: لاعتبارًا، والاعتبار: مأخوذ من العبور من شيء إلى شيء، يعني: كأن الإنسان يعبر بعقله من المذكور إلى المعقول، فهنا ذكرت لنا قصة نأخذ منها عبرة بأن الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة فيكون تحقيقًا لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: ١٢]. فإذا افتخر الكفار بكثرتهم، نقول لهم: إن كثرتكم لا تغني عنكم شيئًا، فهذه فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، ومع ذلك صارت الغلبة للتي تقاتل في سبيل الله.

{لِأُولِي الْأَبْصَارِ}: جمع بصر، كأسباب جمع سبب، ويشمل بصر الرؤية الحسية وبصر العقل مادام أنهم يرونهم رأي العين، فيكون فيه عبرة لأولي الأبصار الذين رأوا بأعينهم، وكذلك هو عبرة لأولي الأبصار بعقولهم، ولو كانوا لم يروا ذلك رأي العين، لأنهم إذا سمعوا اعتبروا؛ فكان في ذلك عبرة لهم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - ضرب الأمثال بالأمور الواقعة؛ لأن ذلك أبلغ في التصديق والطمأنينة، ويتفرع على ذلك أنَّه ينبغي للواعظ والداعي

<<  <  ج: ص:  >  >>