للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكرنا أن في هذا خلافًا للعلماء رحمهم الله، فمنهم من قال: لا تقبل، ومنهم من قال: تقبل مطلقًا، ومنهم من قال: إن كان الذنب الذي هو مصرٌّ عليه من جنس الذنب الذي تاب منه فإنها لا تقبل، وإن كان من غير جنسه قبلت، فمثلًا إذا تاب من غش الناس في البيع لكن غشَّهم في الإيجار لم تقبل توبته؛ لأن هذين الذنبين من جنس واحد وإن اختلف محل الغش، والصحيح أنها تقبل إذا تاب من ذنب ولو أصرَّ على مثله أو على جنسه، ولكنه لا يستحق الوصف المطلق في مدح التوابين يعني لا يدخل في مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢] إنما يقال: هذه توبة مقيدة.

* * *

• ثم قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: ١٣٧]:

قوله: {قَدْ خَلَتْ} جملة محققة (بقد) لأن {قَدْ} إذا دخلت على الفعل الماضي تفيد التحقيق، وإذا دخلت على الفعل المضارع تفيد التقليل، وقد تفيد التحقيق بالقرائن، فقول القائل: قد يجود البخيل، هذه للتقليل. وقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ الله الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: ١٨] هذه تفيد التحقيق. أما إذا دخلت على الماضي فإنها تكون للتحقيق كقول المقيم: قد قامت الصلاة.

{قَدْ خَلَتْ}: أي مضت.

{مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}: الخطاب لهذه الأمة، والسنن جمع سنة وهي الطريقة، والمراد بها سنن الله عزّ وجل في المكذبين حيث يأخذهم ويدمرهم كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>