للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}:

{بِمَا} أي (بالذي) تعملون من خير وشر، من فعل وقول ووسوسة في النفوس، لكن هنا قال: "بما تعملون" لأن المراد بالخبرة هنا ما يترتب عليها من الحساب، فهي جملة خبرية تفيد التهديد؛ لأن الله عزّ وجل لا يحاسب إلا على العمل. أما حديث النفس فلا يحاسب عليه، ولو حدّث الإنسان نفسه بفعل المعاصي أو ترك الواجبات ثم لم ينفذ فإنه لا يحاسب، ولهذا قال: {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تذكير المؤمنين بما جرى منهم من المخالفة حيث قال: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ} هذا على القول بأن (إذ) متعلقة بمحذوف تقديره (اذكر)، أما على القول بأنها متعلقة بـ (عفا) فيستفاد منها تذكير المؤمنين بنعمة الله عليهم في عفوه عنهم حين أَصْعَدوا.

٢ - التوبيخ اللطيف في قوله: {وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} فإن الشجاعة تمنع أن يقع من الإنسان مثل هذه الحال، يهرب ولا يلوي على أحد، والرسول يدعوه يقول: (إليَّ عباد الله) ففيها توبيخ لطيف للصحابة مما جرى منهم.

٣ - حسن رعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته في قيادته العظيمة حيث يكون في أخريات القوم، وهذا شأنه صلوات الله وسلامه عليه، أن يكون في أخريات القوم من أجل أن يتفقدهم، وليس كالملوك الذين يتقدمون الناس، بل هو يتأخر، كما حصل في قصة جمل جابر - رضي الله عنه - حيث كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>