فعتب على نفسه ورجع وأظن أنه قتل في تلك المعركة. فالإنسان قبل أن يصاب بالبلاء قد يشعر في نفسه أنه قوي يصبر، لكن يعجز، فإذا ذكَّرت أحدًا بشيء كان يفتخر به كأن يقول: أنا أفعل، وأنا أقول، وأنا أصبر، فهذا لا بأس به، ولكن هل هذا محمود إذا كان الأمر ضارًا، أو ينظر للمصلحة؟
الجواب: أنه ينظر للمصلحة فقد يكون هذا المسكين يفتخر فيما لا فخر فيه، فإذا وقع فيه وأراد أن يتأخر عنه ثم أغريته قد يقع في ضرر. فالمسألة يرجع فيها إلى المصلحة.
٤ - جواز التأكيد على رأي من يرى أن قوله:{فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} فيها توكيد أي: جواز تأكيد اللفظ إذا دعت الحاجة إليه، وكان ذلك مقتضى البلاغة، بل قد يكون مطلوبًا كما في هذه الآية، فهذه الآية على قول بأن قوله:{وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} توكيد وأنها لم تأت بمعنى جديد، أما على القول الراجح الذي رجحناه أنها أتت بمعنى جديد فإننا لا نأخذ هذه الفائدة من هذه الآية، لكن نأخذها من آيات أخرى مثل: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: ١٧، ١٨] وقوله: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٣، ٤]، وقوله: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: ٣٤، ٣٥]، كثير من القرآن تأكيدات للأهمية.
تنبيه: ذكرنا في التفسير أنهم يتمنون الشهادة، الموت في سبيل الله، وليس الموت المطلق؟ لكن يؤخذ منه أنه يجوز أن يتمنى