للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصبر أو يتوب عليهم، وتعلمون أن (أو) تأتي بمعنى (إلى) وتأتي بمعنى (إلا أن)، فإذا قال القائل: لأقتلن الكافر أو يسلم فهي بمعنى (إلا أن) ولا يصلح أن نقول بمعنى (إلى أن)، وإذا قال: لألزمن الغريم أو يقضيني ديني، فهي بمعنى (إلى أن).

وقوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}:

أي: على الكافرين، وتوبة الله على الكافر أن يهديه للإسلام، وتوبته على الفاسق أن يرده عن الفسق إلى الطاعة، وتوبة الله على العبد قسمان: توبة سابقة، وتوبة لاحقة، وتوبة العبد متوسطة بينهما، وهذا مذكور في سورة التوبة، قال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: ١١٧، ١١٨] تاب عليهم ليتوبوا، هذه التوبة السابقة، والتوبة السابقة معناها التوفيق للتوبة، والتوبة اللاحقة معناها قبول التوبة، وتوبة العبد تكون بينهما.

{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي ييسرهم للإسلام من الكفر.

وموقع هذه الجملة مما قبلها أنها تعليل لها يعني أنهم يستحقون أحد هذه الأمور؛ لأنهم ظالمون إلا التوبة، فإن الله إذا تاب عليهم زال وصفهم بالظلم، والأربعة الذين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو عليهم كلهم تاب الله عليهم فأسلموا، وفي هذا إشارة كما سبق إلى أنه لا ينبغي للإنسان أن يدعو على

<<  <  ج: ص:  >  >>