لم يكن الترجيح فلا مانع من أن يتعدد السبب، فيكون لنزول الآية سببان، الأول: إنكاره عليه الصلاة والسلام على هؤلاء القوم وقوله: "كيف يفلح؟ " استبعاده فلاحهم، والثاني: لعنه هؤلاء الأربعة، ولا محظور في ذلك فإن الآية قد يكون لنزولها سببان.
وقوله:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} قيل: إنها معطوفة على يقطع، وقيل:(أو) بمعنى إلى أن يتوب عليهم، فعلى القول الأول لا إشكال في الآية، ويكون الله عزّ وجل ذكر في عاقبة هؤلاء الكفار أربعة أمور:
١ - يقطع طرفًا من الذين كفروا.
٢ - أو يكبتهم.
٣ - أو يتوب عليهم.
٤ - أو يعذبهم.
وهذا الوجه كما ترون وجه حسن ليس فيه إلا الجملة المعترضة في قوله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وهذا لا يضر، ففي القرآن جمل معترضة بين أشياء متقاربة في المعنى، بل فيه آيات، فمثل قوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] ذكرت هذه في أثناء آيات العدد ولا يظهر للإنسان وجه مناسبة، لكن الله عزّ وجل أعلم منا، كذلك أيضًا هنا نقول: لا يضر أن توجد جملة معترضة مع أننا سنبين إن شاء الله المناسبة فيها.
أما القول الثاني الذي يقول إن {أَوْ} بمعنى (إلى) فيقولون: إن في الآية حذفًا والتقدير: "ليس لك من الأمر شيء فاصبر أو يتوب الله عليهم" فيقدرون فعلًا هو (اصبر) يعني لا تدعُ عليهم