للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: ١٩٣] يعني ينادي إلى الإيمان، ولكن الظاهر أن اللام على بابها وليست بمعنى (إلى) والمعنى: أنك لا تملك شيئًا، وليس المعنى أنه لا يرد إليك شيء، بل المعنى أنك لا تملك شيئًا، فاللام على ما هي عليه. والخطاب في قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {مِنَ الْأَمْرِ} يعني الأمر الكوني، أما الأمر الشرعي فإن الرسول عليه الصلاة والسلام له منه شيء؛ لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] أما الأمر الكوني فلا.

واختلفت الروايات في سبب نزول هذه الآية، ففي بعض الروايات أن سببها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا على قوم من الكفار مثل أبي سفيان وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية والحارث بن هاشم، هؤلاء الأربعة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو عليهم، يلعنهم إذا صلى الفجر في الركعة الأخيرة، يدعو عليهم: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا بأسمائهم، فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (١) فالأمر إلى الله. وفي رواية أخرى صحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما شجوا وجهه في أُحد جعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: "كيف يفلح قومٌ شجوا نبيهم وهو يدعوهم إلى الله" فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (٢). والقاعدة في أسباب النزول أنه إذا


(١) رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ... }، رقم (٧٣٤٦).
(٢) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم. ورواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، رقم (١٧٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>