سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" (١). هذا لإثبات البصر لله، أما بصر العلم فواضح وكثير، إذن في هذه الآية إثباث إحاطة علم الله بكل ما نعمل لقوله:{بِمَا تَعْمَلُونَ}، و (ما) هنا اسم موصول، واسم الموصول يفيد العموم ولو كان واحدًا. قال الله تعالى:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[الزمر: ٣٣].
(فالذي) اسم مفرد وعاد عليه الإشارة والضمير جمعًا؛ لأنه عام، فإن اسم الموصول -وإن كان لفظه لفظ المفرد- يكون للعموم، فالقاعدة: أن (كل اسم موصول فهو للعموم).
{بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}:
فِيها قراءة ثانية، فهل فِي الآية التفات؟ الواقع ليس فيها التفات حقيقة؛ لأنه إذا قال {بِمَا تَعْمَلُونَ} فالخطاب في أول الآية موجه للمؤمنين {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا} مخاطبة، لا تكونوا، فإن كنتم فالله بما تعملون بصير، إذن لا التفات، إذا جعلنا (بما يعملون) عائدًا على (الذين كفروا) و (قالوا لإخوانهم) أيضًا، فليس فيه التفات، فالحقيقة أنه ليس في الآية التفات سواء جاءت بالتاء أو بالياء؛ لأنها إن جاءت بالتاء فقد روعي فيها صدر الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا. . . وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وإن كانت بالياء فقد روعي فيها آخر الآية.
وفي هذه الآية إشكال وهو أن قوله:(قالوا) ماض و (إذا ضربوا) مستقبل، ويجاب عنه بأن بعض العلماء قال: إن (إذا) هنا
(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينام. . ."، رقم (١٧٩).