واللام في قوله {لِيَجْعَلَ} سبق أن بيَّنا أنها للعاقبة، وبيَّنا أن اللام الداخلة على الفعل في مثل هذا التركيب، تكون إما للعاقبة وإما للتعليل وإما زائدة، فقوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}[الأحزاب: ٣٣] هذه زائدة، وقوله:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ}[الصف: ٨] اللام زائدة، ودليل هذا أنه في الآية الثانية قال:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا}[التوبة: ٣٢]. واللام في قوله:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}[القصص: ٨] للعاقبة، ولو ظنوا أنه يكون عدوًا وحزنًا لقتلوه. هذه الآية {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} أيضًا للعاقبة، لأنهم لو ظنوا أن هذا حسرة وأنه لا فائدة منه إلا التحسر والندم وتكرار المصيبة ما قالوا هذا، ولكن الواقع أنه يكون حسرة في قلوبهم وإلا فإنه لا يغنى شيئًا لماذا؟ لأن الأمر بيد الله، ولهذا قال:{وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ} الإحياء والإماتة بيد الله عزّ وجل أي: إذا قدّر الله إماتة شخص على سبب من الأسباب يسَّر له هذا السبب، وصار هو نفسه يفعل ذلك السبب، فالإحياء والإماتة بإذن الله عزّ وجل.
يعني ومن جملة ما هو بصير به عملهم، والبصير هنا يحتمل بصر الرؤية، ويحتمل بصر العلم، يحتمل المعنيين جميعًا، فهو بصير بما نعمل بمعنى عليم، وهذا بصر العلم، وبصير بما نعمل بمعنى راء لما نعمل، وهذا بصر الرؤية.
فإذا قال قائل: هل تثبتون لله بصر الرؤية؟ قلنا: نعم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حجابه النور -أي الله عزّ وجل- لو كشفه لأحرقت